(٢٧) لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا صدّقه في رؤياه بِالْحَقِ متلبّساً به فانّ ما رآه كان لا محالة في وقته المقدّر له وقد سبق قصّته في أوّل السورة لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ محلقاً بعضكم ومقصّراً آخرون لا تَخافُونَ بعد ذلك فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا من الحكمة في تأخير ذلك فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً هو فتح خيبر ليستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسّر الموعود.
(٢٨) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ وبدين الإسلام لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ليغلبه على جنس الدين كلّه بنسخ ما كان حقّاً وإظهار فساد ما كان باطلاً ثمّ بتسليط المسلمين على اهله إذ ما أهل دين إلّا وقد قهر بالإسلام أو سيقهر وفيه تأكيد لما وعده بالفتح.
القمّيّ : هو الإمام عليه السلام الذي يظهره الله عزّ وجلّ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ* فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً قال وهذا ممّا ذكرنا انّ تأويله بعد تنزيله.
أقول : قد سبق تمام الكلام فيه في سورة التوبة وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً على انّ ما وعده كائن أو على رسالته.
(٢٩) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ جملة مبينّة للمشهود به أو استيناف مع معطوفه وبعدهما خبر وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ يغلظون على من خالف دينهم ويتراحمون فيما بينهم كقوله أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً لأنّهم مشتغلون بالصلاة في أكثر أوقاتهم يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً الثواب والرضا سِيماهُمْ (١) فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ قيل يريد السّمة التي تحدث في جباههم من كثرة السجود.
وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عنه فقال هو السهر في الصلاة ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ صفتهم العجيبة الشأن المذكورة فيها وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ.
القمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى
__________________
(١) أي علامتهم يوم القيامة أن تكون مواضع سجودهم أشدّ بياضا.