وفي المجمع عن عليّ عليه السلام : لمّا نزلت فَتَوَلَّ عَنْهُمْ لم يبق أحد منّا الّا أيقن بالهلكة فلمّا نزل وَذَكِّرْ الآية طابت أنفسنا.
(٥٦) وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.
في العلل عن الصادق عليه السلام قال : خرج الحسين بن عليّ عليهما السلام على أصحابه فقال أيّها الناس انّ الله جلّ ذكره ما خلق العباد الّا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه فقال له رجل يا ابن رسول الله بأبي أنت وأمّي فما معرفة الله قال معرفة أهل كلّ زمان امامهم الذي تجب عليهم طاعته.
وعن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال خلقهم ليأمرهم بالعبادة قيل قوله تعالى وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ولذلك خلقهم قال خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم.
والقمّيّ قال خلقهم للأمر والنهي والتكليف وليست خلقة جبر أن يعبدوه ولكن خلقة اختيار ليختبرهم بالأمر والنهي ومن يطع الله ومن يعصي وفي حديث آخر هي منسوخة بقوله وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ.
والعيّاشي عنه عليه السلام : أنّه سئل عنها قال خلقهم للعبادة قيل قوله وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ فقال نزلت هذه بعد تلك.
أقولُ : لمّا كان خلق العالم انّما هو للإمام الذي لا تخلو الأرض منه وخلق الامام انّما هو للعبادة الناشئة من المعرفة المورثة لمعرفة اخرى كما حقّق في محلّه صحّ أن يقال خلق الجنّ والإنس انّما هو لحصول العبادة ولمّا كان الكلّ داخلاً تحت التكليف والعبادة مطلوبة من الكلّ اختياراً واختباراً وان لم يأتمر الكلّ بسوء اختيار بعضهم جاز أن يقال خلقهم انّما هو للتكليف بها ولمّا صاروا مختلفين وتمرّد أكثرهم عن العبادة بعد كونهم جميعاً مأمورين بها جاز أن يقال هذه منسوخة بتلك فالاخبار كلّها متلائمة غير مختلفة ولا نسخ في الحقيقة بالمعنى المعهود منه فليتدبّر.