ولان موسى قد تربى عند فرعون ، ثم قتل منه نفسا ، ثم يأتيه رسولا ، وهو الطاغية الباغية ، فهذه الأربع تدفع الداعية الى قول لين معه اكثر من الواجب في طبيعة الحال الرسالية حيث القصد ـ لأقل تقدير ـ سدّ أذاه وإخماد لظاه ، وخشن القول مما يزيد لظى في أذى.
وكيف «لعلّه» ولا تردّد في علمه سبحانه انه لا يتذكر ولا يخشى؟ انه ترجّ للداعية نتيجة الدعوة بصورة عامة ، وحتى إذا تأكد انه لا يتذكر ولا يخشى ، فانها (عُذْراً أَوْ نُذْراً) فالنذر بين تذكر وخشية ، والعذر لبلاغ الحجة ، ولكيلا تكون للناس على الله حجة ، حيث الناس في انقسامات ثلاث ، ناس وأشباه ناس ونسناس ، فالناس بين دعاة يدعون ، ومدعوين يتقبلون الدعوة ، والنسناس هم المصرون على الباطل ، وأشباه الناس عوان بينهما متوقفين بين الأمرين.
وعلى الدعاة ان يكونوا في دعوتهم (عُذْراً أَوْ نُذْراً) فالعذر أمام النسناس لبلاغ الحجة ، والنذر للذين يتقبلون الدعوة دون امهال فهم المتذكرون ، وللعوان المترددين المتقبلين بامهال فهم الخاشون ، و (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) يخص الأخيرين ويجمعهما «نذرا» ثم «عذرا» على الأولين.
والباعث القوى للدعوة ان يتذكر المدعو او يخشى ، وأما ان يطغى كفرعون فباعث الدعوة فيه ضعيف ، ورجاء التأثير في الدعوة هو الباعث لها بقوة.
ف (عُذْراً أَوْ نُذْراً) هما رسم لخطوط الدعوة وخيوطها بصورة عامة ، واما الدعوة الخاصة كما الى فرعون ، فلا تصلح ان يؤكد فيها انه «عذرا» قطعا بعدم التأثير ، فانه وني للدعوة شاء الداعية ام ابى ، «فانما قال :