لا يتخوفون عن إلقاءه ، ولا يتحرجون دفاعه في إلقاءه!
(قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) ٦٦.
و «القوا» هنا خطابا لجمع السحرة إلغاء لسحرهم قبل إلقاءهم ، فلو لم يطمئن موسى الى غلبه عليهم كان «القوا» منه إلغاء ، لإلقاء نفسه بعدهم الى التهلكة ، وهذه اولى خطاه توهينا لما يلقون ، وتهوينا بإلغائه ما يلقون.
وترى كيف خيّل الى موسى من سحرهم انها تسعى ، وقد آتاه الله ما آتى؟ إن «يخيّل» هنا هو طبيعة الحال من سحرهم لكلّ من رأى ، خيالا لا يعارض يقينا في بال على أية حال ، وذلك نصيب موسى من سحرهم ولكن لمن سواه (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) (٧ : ١١٦).
ثم «يخيل» المستقبل دون «خيل» الماضي ، تقضي على ذلك الخيال ايضا فلا تعني «يخيل» إلا طبيعة الحال من سحرهم لمن يخال دون واقع الخيال لموسى.
ثم السحر من السحارة وهي ما ينزع من السحر ـ طرف الحلقوم ـ عند الذبح ، فيرمى به ، وجعل بناءه بناء النّفاية والسقاطة ، فالسحر هو إصابة السحر كسقاطة ونفاية دون واقع ، فالساحر كأنه يذبح المسحور وليس يذبح ، ويأخذ عقله وحسه وليس يأخذ ، وانما هو تخييل لا يرجع الى عقل ولا واقع.
فالسحر مهما بلغ من حالة خارقة للعادة ، ليس ليأخذ مأخذه في القلوب والعقول ، وانما خطفة من عين ام أذن ، وهو يبطل بسحر مثله وكما