اجماع كيد جماعي في صف واحد متراصّ للاستعلاء على من يريد القضاء على السلطة الزمنية والروحية ، وليس ـ فقط ـ من الاكثرية المضللة ، بل ومن الاقلية المتلجلجة ايضا (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى)!
ولإجماع الكيد بعد ان ، اوّلهما جمع كافة مكائدهم مع بعض البعض دون فراق ، وثانيهما ان يتشاوروا فيما بينهم في ذلك الكيد المجموع.
فالى ميدان النزال للنضال حتى يعرف الداني من العال ، آخذين كل حائطة حاضرة وبائتة :
(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) ٦٥.
وهنا عدم البدءة من موسى سياسة لائقة به لابقة في المباراة ، فانه مدافع وليس مهاجما حتى يبدأ ، ثم البادئ في الحوار خاسر على أية حال لا سيما إذا لم يكن مؤيدا من عند الله ، فليخسروا هم بتلك البادئة الخاسرة ، فلا يرد عليه ان تقديم الشبهة على الحجة إدخال في اللجة ثم لا يعلم الخروج عنها؟ لأن حجية هذه الحجة لم تكن لتظهر الا بعد ظهور الشبهة ، ثم البالغة الدامغة للشبهة!.
ثم هؤلاء المتعودون على اتباع فرعون لم يكونوا لينظروا الى الحجة البادئة بعين الاعتبار لأنهم في انتظار ما أتى به السحرة ، ولكنهم بعده يتأكدون من الحجة اللاحقة الماحقة له ، فلتكن حجة الرسالة لاحقة دمغا لسحر السحرة.
وعلّ خطورة الموقف دفعتهم الى تخييره في الإلقاء ، دون إلزام عليه احد الأمرين ، ثم تقبّلهم ما اختاره موسى هو من مخلّفات اقتراحهم واختياره ، ثم من غرورهم بعددهم وعددهم وهم بمحضر فرعون وملائه ، وكأنهم يرونهم في (أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) متقدمين عليه بكل شجاعة وهيمنة