على أية حال أدنى من ظلم آدم حين عصى ربه فغوى.
ثم وعلّها لابن متى كما لموسى كانت رسالة تدريبية تجريبية ، حتى إذا اكتمل بعثه لرسالة اصلية ، وقد تشهد له (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) بعد قوله بعدة آيات (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) ولكي يثبت على حاق رسالته وحقها دون اي تفلّت عنها او تلفّت!.
فلما أناب ذا النون الى ربه بما أناب (فَاسْتَجَبْنا لَهُ) دعاءه (وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ) عما قصّر (وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) حين يدعون كذلك الذي دعى ذا النون.
ولقد تكاثرت الروايات وتضاربت حول قصة يونس ، بين ما تكذبها الآيات ام لا تصدقها ، وما تصدقها الآيات ، فلا نصدق منها إلا ما صدقته ، ولا نكذب إلا ما كذبته ، ثم نتردد في عوانها لا مصدّقة ولا مكذّبة.
(وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) ٨٩.
ان قصة ولادة يحيى العجيبة مضت في سورة آل عمران ومريم ، وهنا (لا تَذَرْنِي فَرْداً) استدعاء لولد (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (١٩ : ٦).
ولما كانت هذه الوراثة المطلوبة توهم أن لولاها لم تكن هناك وراثة والله خير الوارثين ، يلحّق دعاءه بتلك الوراثة الإلهية ، وانه يطلب وارثا من جنسه حتى يرثه في حمل الرسالة الإلهية ، فحتى ان لم ترزقني ولدا ف (أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) وان رزقتنيه ايضا ف (أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ).
(فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) ٩٠.