(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) وما الى ذلك من أوامر ، تصطنع شخصه اكثر مما كان ، ورسالته الى العالمين.
هنا لك تمت المرحلة الأولى لنداء موسى ، حاوية جملة الرسالة ، وبينما هو في شغف الاستماع وشعفه بكل كيانه حيث أصبح كأنه كله سمع واستماع ، إذا بمرحلة ثانية في مسائلة حبيبة :
(وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) ١٧.
«و» هنا عطفا على نبوءة الوحي قد تلمح ان في سؤاله بجوابه وحي آخر نبوءة أخرى كما مضت ، أم رسالة أما هيه من خارقة إلهية.
ثم «ما» سؤال عن الماهية دون فاعليتها ، و «تلك» اشارة الى عصاه تأشيرا انه تعالى يعرفها كما هيه ولكنه يعني بسؤاله موسى ان يعرفها كما هي ، يعرفها لبيان البون بينهما ، الذي لا يعرفه موسى.
و «بيمنك» دون «يدك» علّه لبيان الموضع ، فعلّ بيساره شيئا آخر كالخاتم وسواه.
فلم يكن السؤال استفهاما ، بل هو اختبار لمدى معرفة موسى بعصاه حتى يزيد اخرى لا يعرفها ، وما اختيار موسى لما يوحى بالذي يدل على انه يعرف الأمور كلها ، بل هو كما كان هو الآن بحاجة في معرفة عصاه الى تعريف من ربه ، فضلا عما سواها من معرفيات.
ونرى موسى بدلا عن ان يجيب عن ماهية عصاه ، يكتفي بذكر اسمها ثم مآربها عنده ، وقد كان يكفي (هِيَ عَصايَ) عسى ان يزيده ربه تعريفا بعصاه ، ولكنه لشغفه البالغ لتلك المحاورة الحبيبة مع ربه ، حين ما يسأله عن أبسط شيء متعطفا عليه ، لذلك يطوّل في الجواب بأقصى ما يعرفه عن عصاه ، عساه ان يزيده ربه علما بعصاه.