وقد عني من هذا السؤال ان يستحضر موسى معرفته بعصاه ، وانها كعصاه منسوبة اليه ليست إلا كما عرفها ، فلما تصبح حية تسعى او ثعبانا مبينا بما ألقى ، يعرف ان ذلك من ربه وليس منه ، فقد كانت معه ردحا كثيرا من الزمن فلم تكسب من معيته ما كسبت من مفارقته بإلقاء موسى ، ثم ليؤكد انها خشبة كسائر الأخشاب حتى إذا قلّبت حية تسعى فلا يخشاها ، بل يعرف انها قلبة الهية عصا رسالية لموسى بعد ما كانت عصى بشرية ، واين عصى من عصا؟.
وترى ان موسى بذلك الخطاب دون حجاب يفضّل على نبينا؟ كلا حيث خوطب نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلم) دون اي حجاب ، ولموسى حجاب النور والشجرة ، ثم موسى لم يصل في وحيه الى مقام (أَوْ أَدْنى) ومحمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) وصلها ، وقد أعلن الوحي الخاص الى موسى في اذاعة توراتية وقرآنية ، ووحي محمد الخاص به لم يعلن بعد : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)!
(قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) ١٨.
«قال» موسى «هي» التي بيميني «عصاي» وفي الخبر انها «قضيب من آس من غرس الجنة» (١).
«كانت لآدم (عليه السلام) فصارت الى شعيب ثم صارت الى
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ٣٤ عن الكافي بسند عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله يقول : كان عصا موسى قضيب آس من غرس الجنة أتاه بها جبرائيل لما توجه تلقاء مدين وهي وتابوت آدم في بحيرة طبرية ولن يبليا ولن يتغيرا حتى يخرجهما القائم (عليه السلام) إذا قام.