يبطل مثله ، ولا يؤثر فيما يؤثر إلا بإذن الله : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (٢ : ١٠٢) اللهم إلا في دعوى الرسالة ام معارضة آية الرسالة ، فانه اضافة الى القصور الذاتي فيهما يبطله الله تعالى عن بكرته لكيلا ينغرّ به ضعفاء العقول ، فضلا عن ان يأذن الله!.
وتراه كيف يأمرهم بسحرهم والسحر محرم في شرعة الله ، ولا سيما ذلك المضلّل لعباد الله؟.
انه يأمرهم به لكي يغلب الحقّ في صراع الباطل ، ولا يظهر له غلب عليه لولا ذلك الصراع! ولكي يدافع عن نفسه تهمة السحر الموجّهة إليه من فرعون وملائه.
وهنا (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ) وهناك (بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) يشيان بعظمة ذلك السحر وضخامته عددا وعددا حتى ليوجس خيفة في نفس موسى :
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) ٦٧.
والوجس هو الصوت الخفي ، فالإيجاس هو التصويت الخفي ، فلو كان جليا لتجلى في صفحات وجهه ، وكان محجوجا بسحرهم قبل آيته ، فلم تكن إلا «خيفة» خفيفة واجسة طفيفة في قرارة النفس ، دون استقرار فيها ولا استغرار لها ، وانما هي على غرار ما خيّل اليه.
ويا عظماه من سحرهم ووا عجباه إذ بلغت بهم البراعة في فنهم واليراعة في سحرهم الى حدّ يوجس في نفسه خيفة موسى ، وما هي النفس البشرية لو انقطعت عنها العصمة الإلهية آنا مّا ، خافت عما لا يخاف منها ، وقد تكون هذه الوجسة مشيرة الى عظم الموقف وضعف الواقف في نفسه حتى تدركه العصمة الإلهية بالبشرى ، وإيجاس الخوف لا يطارد العلم بانه غالب ، وكما يخاف الميت على علم انه لا حراك له ولا ضرر منه.