ام قد تكون خيفة موسى من ضلال الناس في هذا المجال ، ف «لم يوجس موسى خيفة على نفسه اشفق من غلبة الجهال ودول الضلال» (١).
ام الوجستان معنيتان معا وهما ناحيتان منحى براعة الصناعة وسرعتها وهيبتها ، فجاءته من ربه البشرى :
(قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) ٦٨.
أنت الأعلى في آيتك العظمى ، وأنت الأعلى في هدى من اهتدى حيث يتحرى عنها.
«لا تخف» ـ (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) فمعك الحق كله ومعهم الباطل كله ، معك ربك ومعهم الطاغية ، معك العقيدة ومعهم الحرفة بغية اجر المباراة ، أنت متصل بالقوة الكبرى وموصول النياط والنيّات بالرب الأعلى ، وهم يتصلون بالأرذل الأدنى ، ف (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى).
«لا تخف» هنا كما «لا تخف» عند ما (فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) فانه لم يكن عشيرا لخارقة قبل ان يرى ما رأى من آيات ربه الكبرى ، ام سحر خيّل اليه بحبالهم وعصيهم انها تسعى ، فكان من طبيعة الحال خوفه ، ولكنه أمام الآية الالهية ظاهر (قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ) (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) (٢٧ : ١٠).
فهنا خوف ظاهر يوليه مدبرا عن آية باهرة ، ولكن هناك إيجاس خيفة
__________________
(١) نهج البلاغة عن الإمام امير المؤمنين علي (عليه السلام).