لأنها خارقة خارفة ، والخوف هو طبيعة الحال مما لم يأنسه الإنسان على اية حال ، ولكنه لما طمأنه ربه ـ وقبل ان يلقي ـ أخذ يعظهم وينبئهم بغلبة عليهم بعد قليل (قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ. وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (١٠ : ٨٣). ثم حقق ما أنبأ وأوعد بأمر الله :
(وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) ٦٩.
وهنا بصورة قاطعة إفلاج الساحر رغم محاولته في إفلاحه ، وهناك (إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) مما يبرهن ان الساحر المتحدي آيات الرسالة فالج غير فالح حيث أتى ، وبأية قوة واية كيفية كانت ، وعلى ضوءه ندرس ان الآية المعجزة غالبة على اية حال على السحر أيا كان وحيث أتى.
وهكذا نعالج بأس كل ساحر بسحره بقراءة آيات من الذكر الحكيم على موضع السحر بنية صادقة فيبطل.
وقد يروى عن رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلم): «إذا أخذتم السارح فاقتلوه ثم قرأ : (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) : قال لا يأمن حيث وجد» (١) والقدر المعلوم منه من يعارض بسحره آية النبوة.
وانما (ما فِي يَمِينِكَ) دون «عصاك» على طوله واجمالها ، واختصارها وصراحها؟ عساه ينتبه مرة اخرى ان ليست عصاه بما هي عصاه تلقف
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٣ ـ اخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن جندب بن عبد الله البجلي قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ...