من يخرج منها ويدخل الجنة ، فلا يموت ابدا لا في النار ولا في الجنة فالآية ـ إذا ـ تشملهم.
وقد تخص (لا يَمُوتُ فِيها) المؤبدين فيها ، واما الخارجون عنها فقد يموتون فيها ثم يحيون للجنة (١) ولكنه احتمال لا نصير له قاطعا ، والموت في الخبر مؤول الى موت الاجزاء البدنية الجهنمية.
اجل (لا يَمُوتُ فِيها) تخلصا عن عذابها وهي باقية ، (وَلا يَحْيى) في «لا يموت» حياة لها حظوتها ، بل هي موتات متواترة دون فصال ، حيث عوامل الموت حاصلة ، والحياة معها ماثلة ، وذلك أشد العذاب ان يوازي عمر المعذب فلا هو ميت فيستريح ولا هو حي فيتمتع ، انما هو العذاب الواصب ما هو حي وما دام العذاب ، ثم لا نار ولا اهل نار.
(وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى) ٧٥.
فهنا لك أشد العذاب للآبدين في النار ، وهنا الدرجات العلى للمؤمن الذي عمل الصالحات ، وهذه تخص السابقين والمقربين وقسما من اصحاب
__________________
ـ الحقيقية للعذاب. وموت اهل النار في محتملات اربع : موتهم فيها قيل فناءها ، ام موتهم بعد فناءها ، ام بقاءهم فيها دون زوال إطلاقا ، ام موتهم معها فناء لهما ، والآية انما تنفي الاولى ، والثانية تنفيها ابدية الخلود ، والثالثة منفية بادلتها ، فالرابعة هي الصالحة بادلتها.
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٠٣ اخرج مسلم واحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) خطب فأتى على هذه الآية (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً ..) فقال (صلّى الله عليه وآله وسلم) : اما أهلها الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون واما الذين ليسوا بأهلها فان النار تميتهم اماتة ثم يقوم الشفعاء فيشفعون فيؤتى بهم ضبائر على نهر يقال له الحياة او الحيوان فينبتون كما ينبت القثاء في حميل السيل».