وذلك هو قضية الحال من تلك الآية الالهية في ذلك الحشد العظيم ، وما ركزت في قلوب من آثار ، فلا يسطع فرعون ان يقتل موسى ومن معه لتثاقل الجوّ وتعاضله إذ كانوا يمنعونه رغم همّه : (وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) (٤٠ : ٣٦).
مهما كان هناك مرتزقة من ملئه يشجعونه على قتله : (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) (٧ : ١٢٧).
فلما قضى موسى ما عليه من آيات بينات ، وتصبّر ما كان له مجال على أية حال ، ووصل امره الى ملاحقة فرعونية شاملة حاسمة للدعوة والداعية ، أتى امر الله :
(وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) ٧٧.
ووحي الإسراء هكذا يوحي بمدى الملاحقة الفرعونية بعد ذلك المسرح الصراح للحق في صراع الباطل ، و «بعبادي» مما يلمح بإيمان من آمن من السحرة كما لمسناه ، أمّن سواهم كما هو قضية الموقف ، فلا تعني «عبادي» فقط بني إسرائيل مع ما لهم من تخلفات عن توحيد الله وعن شرعة الله ، فهؤلاء السحرة هم أحق منهم وأحرى بهذه الصيغة السائغة للصالحين ، وكأضرابهم في بني إسرائيل مهما كانوا قلة ، ومنهم من هم أحرى من السحرة في «عبادي» ثم الثلة الباقية منهم تشملهم «عبادي» قضية كونهم موحدين مهما ضعفوا ، وانهم كانوا يستضعفون ، والله يضيفهم الى نفسه تحنّنا عليهم وترحما.
وعلّ القدر المعلوم هنا من «عبادي» هم بنو إسرائيل حيث النص