لا يذكر السحرة من هذا المسرح الى آخر المطاف ، فلعلهم قتلوا كما أوعدهم الطاغية ، ام ولأقل تقدير سجنوا ام حوصروا كيلا يلحقوا بموسى ، فضلا عمن سواهم من القبط الذين آمنوا هناك.
(أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) وهو سري الليل وسيره : (فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) (٤٤ : ٢٣) فسرى الليل سرّ يخفى على الطاغية.
فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) (٢٦ : ٦٣).
واليبس ما كانت فيه رطوبة ثم زالت او ماء فذهب ، فقد انفلق البحر وأصبح طريقا يبسا ف (لا تَخافُ دَرَكاً) من الطاغية (وَلا تَخْشى) غرقا في البحر.
وهنا (طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً) بصيغة الإفراد قد تطارد الرواية القائلة انه ضرب في البحر اثني عشر طريقا حسب اقتراح الأسباط الإثني عشر ، ام تعني «طريقا» جنسه المناسب لعديده ، ولا دليل عليه ولا هو الأظهر منه او الظاهر بل (فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) (٢٦ : ٦٤) تلمح باهرة لوحدة الطريق.
ذلك! إضافة الى ان في اتباع الحق أهوائهم ، ولا سيما هذه المفرقة بينهم وهم بحاجة الى توحيد الكلمة على كلمة التوحيد ، ان في ذلك فسادا لهم وكسادا للحق المرتجى منهم على ضوء هذه الرسالة القدسية الماحقة لمختلف الأهواء ، الساحقة لمختلف الآلهة!.
ومن ثم فانقسامهم الى اقسامهم الاثني عشر ليختص كل بكلّ ، هذا يتطلب فرصة ، وقضية الفرار ولا سيما بعد ما ترائى الجمعان ، هي التسرع دون اي لبث لأيّة مهمة او قرار ، فحتى ان كانوا متطلبين ذلك التفرق