يكونوا على أثره دون تأجيل ، فكيف يستخلف موسى أخاه هرون في هذه العجالة القريبة : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (٧ : ١٤٢).
قد تصلح الخلافة لفترة قصيرة كما الطويلة ، حيث الحفاظ على بني إسرائيل كان ضرورة دائبة على ضوء هدي الرسالة ، فليخلف موسى أخاه هرون في هذه العجالة ، ولعلهم تأجلوا عن أثره لحوقا به ، فتخلفا عن اثره في شرعته.
ام ان المواعدة لم تكن تعني الا السبعين المختارين : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ..) (٧ : ١٥٥) وطبعا لم يكونوا هم ممن عبدوا العجل وإلا فكيف يختارهم لميقات ربه؟.
وقد تلمح آية الإختيار بلحوقها آيات الاختبار في غياب موسى ، أنه اختبارهم من بينهم بعد ما عبدوا العجل.
فظاهر المواعدة وان كان يشمل قومه كلهم ، ولكن نكسة الاختبار حوّلهم الى ذلك الاختيار ، فلا يليق من عبدوا العجل لحضور الميعاد المختار.
وعلى أية حال فقد استعجل عن قومه كلهم او مختاريهم ، ونرى عرض القصة في الأعراف بنفس النمط باختلاف في صيغة التعبير يسير : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ. وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ. وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ