عنها ولم يمتنعوا!.
أترى موسى رجع فور وصوله الى ميعاد ربه ، إذ قال له حينه (وَما أَعْجَلَكَ ... قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ)؟ وقد ظل في الميعاد أربعين يوما كما وعد ، وليس من الممكن عادة حصول كلما حصل في هذه الفترة القصيرة؟!.
طبعا لا ، وعلّ (وَما أَعْجَلَكَ) كان بعد انقضاء الأربعين ، وواو العطف تعطف ما أعجلك بكل ما قاله تعالى وفعله طول الأربعين من إنزال الألواح وسواه ، واما انه إخبار له فور وصوله بما يحصل في المستقبل فلا يناسب ادب اللفظ ، ولا موقف موسى ان يصبر على ضلالهم الآتي دون رجوع لصدهم ، إذ لم يكن القصد من تلك المواعدة إلا نزول التوراة ، وهو مؤخر رتيبا وفي الحكمة التربوية عن تنزيههم وقد سقطوا في عبادة العجل في تلك العجالة.
هنا يأخذ في تأنيبهم (أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً) فيما واعد أربعين ليلة (فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) ولم تلحقوني على اثري؟ و (وَعْداً حَسَناً) بانزال التوراة في هذه المواعدة (فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) في انتظارها وعدم التخلف عن توحيد الله؟ وطاعة هرون في هذه العجالة حق تلحقوني؟.
ووعدكم بمواصلة الإنتصار ودخول الأرض المقدسة في ظل التوحيد وظلال الشرعة الجديدة؟.
(أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ) ـ (أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) (٧ : ١٥٠) فطال عليكم عهد فراقي ، وقد قصر! وان كان طائلا؟ فبما تأخرتم عن موعدي! ام طال عهد رجوعي بالالواح؟ ولم يكن إلا كما واعد الله! ام طال عليكم عهد الحفاظ على توحيدكم؟ وهذا هرون نبيكم خليفتي! ام طال عليكم عهد الرحمة السابقة السابغة إذ أنجيناكم من آل فرعون وأغرقنهم : (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) (٥٧ : ١٦) ، ام «عجلتم امر ربكم»