والملك مصدر الملك ، فإخلاف موعدك كان خارجا عن ملكنا ومقدورنا (وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ) فهل القوم هم آل فرعون؟ فكيف أخذوا أوزارا من زينتهم وهم كانوا تحت إمرتهم ، ثم من هذا الذي حمّلهم إيّاها دون ان يختاروها ، وهم كانوا بطبيعة حالهم راغبين إلى زخرفات الحياة وزينتها ، ولا سيما إذا كانت غنيمة من آل فرعون!.
ام ان القوم هنا هم بنو إسرائيل أنفسهم كما في الأعراف : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ ..)؟ إذا فالمحمّلون في هذه المكيدة هم أصول الضلال السامري إذ أصبحوا اداة لكيده (١) والقوم سائر بني إسرائيل الذين اغتروا بقرار السامري ، فحمّلوا الأولين أوزارا وأثقالا من زينتهم ، استجابة لما تطلبه منهم السامري فقذفوها في مقذفها كما قذف السامري.
ثم (فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ) دون «قذف» قد تعم مع قذفه أوزارا من الزينة كما قذفوا ، تعم إلقاءه بينهم هذه المكيدة المضللة ، ام هي الأصل في ذلك المسرح كما تلمح له الفاء.
ذلك ، والتوراة تنسب هذه المكيدة المضللة الى هرون كما في الاصحاح الثاني والثلاثين من سفر الخروج : «ولما رأى الشعب ان موسى ابطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هرون. وقالوا له قم اصنع لنا آلهة تسير امامنا لأن هذا موسى الرجل الذي اصعدنا من ارض مصر لا نعلم ماذا اصابه. فقال لهم هرون انزعوا اقراط الذهب التي في آذان
__________________
(١) البحار ١٣ : ٢١٦ عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : ان الذين أمروا قوم موسى بعبادة العجل كانوا خمسة انفس وكانوا اهل بيت يأكلون على خوان واحد وهم : اذينوه واخوه ميندويه وابن أخيه وابنته وامرأته وهم الذين ذبحوا البقرة التي امر الله عز وجل بذبحها ...(الخصال ج ١ : ١٤٠).