الخوار ربّكم (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) الذي خلقكم والعجل والسامري والحلي والعالمين أجمعين ، فهل ان العجل رحمان وأنتم صانعوه؟ ام (إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) الذي فطر الخلائق برحمته وقدرته؟ «فاتبعوني» فيما خلّفت بينكم (وَأَطِيعُوا أَمْرِي) دونما تخلّف عني ، فانني خليفة موسى الرسول حين قال : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (٧ : ١٤٢).
ونرى هنا سرد الرسالة اجمالا في أصولها وفروعها ، ابتداء بالسلب فيما فتنوا به ، ثم الإيجاب (إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) ثم الرسالة «فاتبعوني» ومن ثم احكام الرسالة (وَأَطِيعُوا أَمْرِي).
ولكنهم بالرغم من الحجة البالغة الفطرية والعقلية انفسيا ، والرسالية آفاقيا ، صمدوا على كفرهم و :
(قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) ٩١.
وإذا كان رجوع موسى رجعة لهم عن ضلالهم حجة لرجوعهم ، فهذا اخوه هارون مؤمّر مطاع من قبله ، وطاعته طاعته ومعصيته معصيته ، ولا يقول الا قوله ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، وان هي الا عاذرة حمقاء ابتغاء لهذه الفرصة اللئيمة في عكوفهم على عجلهم.
ثم وفي «لن نبرح» قضاء على امده : (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) حيث استحالوا رجوعهم عن عجلهم في هذه العجالة ، مهما أتتهم من برهنة قاطعة ، فهم أولاء ـ إذا ـ لن يرجعوا في تصميمهم الحالي ، مهما تحولوا بعد رجوعه ورجعوا!.
(قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ٩٢ أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) ٩٣.