وترى ما هو اتباعه له المرغوب المترقب منه الذي تركه حتى عده عاصيا لأمره فأخذ برأسه ولحيته (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) (٧ : ١٥٠) وقد سمعناه وعظهم ووبخهم وأمرهم بما أمرهم؟ ونص الوصية الموسوية في هذه الخلافة (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) وقد خلفه وما اخلفه وأصلح ما استطاع حتى كادوا يقتلونه. (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) (٧ : ١٥٠) ولم يتبع سبيل المفسدين تركا لأمر او نهي ، ام دخولا في نهي.
الإتّباع المرغوب هنا هو أن يلحقه بمن معه كما واعدهم الله مع موسى ، ولا سيما (إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) دون واجب الدعوة ـ فقط ـ والموعظة ، وقد فعل لحد كادوا يقتلونه (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) ولم يبق من واجب نهيهم عن ضلالهم إلا قتالهم وقد استضعفوه ، او فراقهم وحيدا او بمن معه ، وما كان يتّبعه الّا الذين اتبعوه ، وذلك تفريق بينهم و (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) فقد امره ان يحافظ على وحدتهم!.
وطبيعة الحال في رسول كموسى انه لما يرى الحال هذه المزرية ـ وبعد اللتيا والتي ـ أن يفور غضبا لله ، وطاهر الحال كان يدفعه لهكذا سؤال ، دون ان يتهم أخاه هرون إلا تساءلا لاتضاح الحال (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) وما هكذا الظن بك ، فوضّح لي الحال ، حتى يسكن البال ويصفو المجال.
فلم يكن له ـ إذا ـ في اتخاذهم العجل ذنب (١) ، ولا في عدم اتباعه
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٣٨٩ في كتاب علل الشرايع باسناده الى علي بن سالم عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديث طويل وفيه قال قلت : فلم أخذ برأسه يجره اليه وبلحيته ولم يكن له في اتخاذهم العجل وعبادتهم له ذنب؟ فقال : انما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك ولم يلحق موسى وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب ، الا ترى ـ