موسى ذنب ، إلا أن ظاهر الحال كان يقتضي ذلك التأنيب العجيب أن قال ما قال وأخذ برأس أخيه يجره اليه كما والقى ألواح التوراة ، ثم لما تبين امره استغفر لنفسه ولأخيه : (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٧ : ١٥١).
(قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) ٩٤.
وذلك الاعتذار يبين بوضوح أن موسى (عليه السلام) لم يتساءله الا عن عدم اتباعه الى الطور الأيمن ، أخذا بهم معه ، ليعالجهم موسى ما خالجهم ، ام فراقا عنهم كزاوية اخيرة للنهي عن المنكر.
لقد تهدّرت اعصاب موسى حين رأى ما رأى لحد لم يتمالك نفسه ان يفعل إلا ما فعل ومن ثم اعتذر : (... وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٧ : ١٥١).
وهنا تساءلات حول تأنيب موسى واعتذار هارون :
كيف يأخذ برأس أخيه ولحيته يجره اليه دون ان يتأكد منه عصيانا لأمره وكما تردد (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) وهو يعرف أخاه انه من أهم سؤله المجاب في دعوته ، وانه رسول الله معه ، فكيف يهتكه هكذا او يتردد في امره؟.
قد يعذر موسى فيما فعل انه قضية الموقف المحتار ، وعلّه هكذا يفعل
__________________
ـ انه قال لهارون : ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت امري ـ قال هارون : لو فعلت ذلك لتفرقوا (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي).