سمعت قاله يقول «لا مساس» وإذا تدنّت اليه أهله ام ولده يقول «لا مساس» وإذا دنّيت اليه ما له ام حاجة من حاجياته يقول «لا مساس» (فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ) فما ذا إذا بعد الممات؟ :
(وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ) بعد الممات ، العقوبات التي وعدها المضلّلون المكذّبون بآيات الله.
ثم (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً) وظلوا أولاء بما أضللتهم «لنحرقنه» حرقا لنفسك التي سوّلت لك ، وحرقا لقلوب من ظلوا عليه عاكفين (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) طرحا له ، فيه طرح النسافة وهي ما تثور من غبار الأرض ، حيث يبدله الحرق غبارا لا يبقي له صورة ولا سيرة ، اعداما له عن بكرته ، ازالة حاسمة لأثر الضلال.
كل ذلك بمسمع ومرأى الذين عبدوا العجل وسواهم ، وعلى مشهد الإله المزخرف المزيف المحرق المنسف يعلن الداعية حقيقة العقيدة الصالحة :
(إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) ٩٨.
دون هذا الإله المعدم ، وهو في وجوده له شركاء أفضل منه وأعلى ، ولا علم له بنفسه حتى يدافع عنها ، بل هو الذي لا إله الا هو وسع كل شيء علما و «لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء». ومهما ختم السياق هنا الى ما هنا ، فليس ليختم في واقع الحال إذ أمر الذين عبدوا العجل ان يقتلوا أنفسهم كما في البقرة.
(كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ