وهذا ملك الكيفوفية في الأشياء ، ثم العرش في الوصل منفرد عن الكرسي لأنهما بابان من اكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لأن الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه يطلع البدع ومنه الأشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والأين والمشية وصفة الإرادة وعلم الألفاظ والحركات والترك وعلم العود والبداء ، فهما في العلم بابان مقرونان ، لأن ملك العرش سوى ملك الكرسي وعلمه أغيب من علم الكرسي فمن ذلك قال : رب العرش العظيم ، أي صفته أعظم من صفة الكرسي وهما في ذلك مقرونان» (١).
ثم الآية التالية بيان لذلك العرش وكما نجد له بيانا في كل آيات العرش :
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى)(٦).
«له» فقط لا سواه (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ومعهما ـ بطبيعة الحال ـ السماوات والأرض (وَما تَحْتَ الثَّرى).
عرفنا السماوات والأرض ، فما هو الثرى وما تحت الثرى؟ هذه الآية منقطعة النظير في (ما تَحْتَ الثَّرى) فما هنالك آية اخرى تفسرها ، إلّا ان آيات انحصار الكون في السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما ، تجعل ما تحت الثرى مما تحتهما ، إما في السماوات أم في الأرض ، هذه ام سائر الأرضين المعنية من الأرض؟ فلنفتش عن الثرى وما تحتها في هذه الثلاث.
__________________
(١) المصدر عنه باسناده الى حنان بن سدير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش والكرسي فقال : ...