ولعمر الهي الحق ان ذلك التأويل العليل غريب في نوعه دون اي تعويل إلا على أن الأنبياء معصومون! ولم يكن هذا العصيان إلا قبل نبوته (١) لمكان (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) والقرآن مصرح بذلك العصيان ، ولا يوجد في عشرات من الأحاديث الناظرة اليه المفسرة له إلا نفس الذنب والخطيئة والعصيان ، دون ترك الاولى ولا مرة يتيمة.
وغريب من صاحب بحار الأنوار انه يعنون بابا من أبوابه ب «ارتكاب ترك الاولى» سردا لآيات عصيان آدم ورواياته ، ولا ينبئك مثل خبير بغربة القرآن الغريبة حيث تؤول آياته البينات دون اي برهان ، حتى وإذا صدقت بمتظافر الأحاديث التي هم يؤصّلونها ، ويفرعون القرآن عليها (٢)!
__________________
(١) البحار ١١ : ١٦٤ ن عن علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى (عليه السلام) فقال له المأمون يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى قال فما معنى قول الله عز وجل : وعصى آدم ربه فغوى؟ فقال : ان الله تبارك وتعالى قال لآدم (عليه السلام) (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) وكان ذلك من آدم قبل النبوة ولم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار ، «انما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة قال الله عز وجل : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) وقال الله عز وجل : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ).
(٢) البحار ج ١١ وهذا الباب يشمل (٤٨) صفحة من ١٥٥ ـ ٢٠٣ ـ وفيها عشرات من الأحاديث الدالة على انه حقا كان عصيانا وفيما يلي عشرة منها تقدم واحد تحت الرقم (١) : ص ١٦٣ ح ٦ «فس أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ان موسى سأل ربه ان يجمع بينه وبين آدم عليهما السلام) فجمع فقال له موسى : يا أبه! الم يخلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه واسجد لك ملائكته ـ