كتاب الله!
وقد كفت هذه الملحمة الغيبية الكاشفة عن اسرار نجواهم ، حجة عليهم ، دون حاجة الى اجابة عن شبهتهم هذه ، فهل ان علم الغيب هكذا سحر؟ فأين الآية المعجزة!.
فلقد احتاروا بشأن هذا القرآن متلكئين متلبكين لا يدرون من اي الى اين ، دون ثبات على رأي ولا على صفة له خاصة ، فهم يتمحلون في محاولة دائبة ان يعلوا اثره المزلزل لنفوسهم ، المزمجر لكيانهم ، في تنقلات وتطفلات :
(بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ)٥.
لا فحسب انه ساحر «بل» وادنى منه إذ (قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ) تخاليط من رؤيّ غير منتظمة ، فلا واقع له إلا أحلام وتخيلات ، ولا نظم له الا أضغاث مختلطات من هنا وهناك دون اي رباط بينها ، فهو ـ اذن ـ باطل في بعدية ، بعيد عن الحق ببعديه.
لا فحسب (بَلِ افْتَراهُ) على الله عامدا دون التباس عليه كأضغاث أحلام ، مترويا في فريته ، محاولا لتحويله محول كلام الله.
ولا فحسب (بَلْ هُوَ شاعِرٌ) حيث استفاد من موسيقا التعبير منفذا الى قلوب البسطاء الهائمين الى الشعر ، فالى هنا هو لا يليق بمنصب الرسالة لقاعدة المماثلة في البشرية أولا ، ثم الاعمدة الاربعة : السحر ـ أضغاث أحلام ـ افتراء ـ شعر ، وإذا لم يكن كما نقول بل هو رسول كسائر الرسل :
(فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) فالآية الإلهية من لزامات الرسالة وقد زوّد بها الرسل الأولون ، وليست عنده إلا الكلام ، فان كان آية وليس ، فهو