والأرض والأرضين ، اجماعا دلاليا بين الآيات والروايات ولا ينبئك مثل خبير.
وما تدبير الخلق تكوينيا وتشريعيا إلّا فتق الرتق ، وهو مزيج مع كل خلق ، إذا فالخالق هو المدبر والمدبر هو الخالق دون اي فرق ولا فراق بين خلق وتدبير سبحان العلي القدير!.
(فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ).
فمن ذلك الفتق فتق الماء عن رتق ، إذ فتق عن أصله في السماء ، ثم فتق السماء عنه إلى الأرض ، ثم فتقت الأرض به بإخراج نابتاتها (١) نباتية وحيوانية وإنسانية أمّا هيه من حيّ ، كما فتقت سائر الكرات الحية بذلك الماء حيث لا يختص ـ ولم يكن يختص ـ بهذه الأرض.
ف (كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) تعم كل حي في السماوات والأرض ، فكما ان كل شيء حي او ميت فتق من المادة الاولية الأم (٢) : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) كذلك جعل من أفضل ولائدها : الماء ـ كل شيء حي ، حياة ثانية بعد الاولى التي هي اصل الكون ، ف (كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) يخرج عن هذا المسرح الثاني كل شيء ميت
__________________
(١) ومن الدليل على شمول «حي» للنبات : انزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ـ واضرابها.
(٢) الدر المنثور ٤ : ٣١٧ ـ اخرج احمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) اني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فانبئني عن كل شيء ، قال : كل شيء خلق من الماء.
أقول : الماء هنا غير الماء المشروب ، بل هو المادة الام كما في آية هود (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ).