ولان الماء هو اصل الحياة ف «طعم الماء طعم الحياة» (١) وقد يكون بنفس السند شفاء من بعض الأدواء (٢).
ولماذا هنا «جعلنا» دون خلقنا؟ علّه حيث المقصود أعم من الخلق بداية ، ومن استمرارية المخلوق منه حيوية ، فكما خلق كل حي من ماء كذلك تستمر حياته بماء ، دون إبقاء.
فهنالك فتق أول للخلق عن رتق الماء الأوّل وهو المادة الاولية ، وفتق ثان هو خلق هذا الماء المشروب مما خلق منه ، وفتق ثالث هو خلق النطف الجرثومية عن الماء الثاني ، إذا فدور الماء في اصل الخلق وفرعه دور فعال
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٤٢٧ عن المجمع وروى العياشي باسناده الى الحسين بن علوان قال : سئل ابو عبد الله (عليه السلام) عن طعم الماء ، فقال : سل تفقها ولا تسأل تعنتا ، طعم الماء طعم الحياة قال الله سبحانه (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) ورواه في قرب الاسناد مثله.
(٢) المصدر في كتاب طب الأئمة عبد الله بن بسطام قال حدثنا ابن إسحاق ابن ابراهيم عن أبي الحسن العسكري (عليه السلام) قال : حضرته يوما وقد شكى اليه بعض إخواننا فقال : يا ابن رسول الله ان اهلي كثيرا يصيبهم هذا الوجع الملعون ، قال وما هو؟ قال : وجع الرأس ، قال : خذ قدحا من ماء واقرء عليه هذه الآية ثم اشربه فانه لا يضره ان شاء الله تعالى.
وباسناده الى حماد بن عيسى يرفعه الى امير المؤمنين (عليه السلام) قال : إذا شكى أحدكم وجع الفخذين فليجلس في تور كبير وطست في الماء المسخن وليضع يده عليه وليقرأ هذه الآية وفيه عن سيف بن عمير عن شيخ من أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كنا عنده فسأله شيخ فقال : بي وجع وانا اشرب له النبيذ ووصفه له الشيخ فقال له : ما يمنعك من الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي؟ قال : لا يوافقني ، قال : فما يمنعك من العسل قال الله فيه شفاء للناس ، قال : لا أجده ، قال : فما يمنعك من اللبن الذي نبت لحمك واشتد عظمك؟ قال : لا يوافقني قال (عليه السلام) له : أتريد ان آمرك بشرب الخمر؟ لا والله لا آمرك!