(وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً. إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (٢٥ : ٤٢).
رجعة الى ما بدء به في هذه السورة من : كيف كان المشركون يستقبلون الرسول وبه يستهزؤن؟ وذلك بعد شوط بعيد في سنن الدعوات ومصائر الغابرين ومصارعهم في صراع الحق.
(إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) دون أن يحسبوا لك حسابا آخر ، كأنك مهزئ لهم وملعب يتخذونك هزوا لأنك أنت ، وانك تذكر آلهتهم بسوء (وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ) حال انهم ـ وهم معترفون بالإله الرحمن ـ هم بذكر الرحمن هم كافرون ، ايمانا واحتراما بالآلهة الفروع ، وكفرا واختراما بالإله الرحمن» (١).
وذكر الرحمن ، وجاه (يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) هو الذكر اللائق بالرحمن : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) (١٧ : ٤٦) كفرا بالرحمن ، ولكنهم بذكر آلهتهم مؤمنون ، وحين تذكر كما هي فهم مستاءون ومستهزءون.
و (بِذِكْرِ الرَّحْمنِ) اضافة للمصدر الى مفعوله هو ان يذكر الرحمن ، وهو بتقدير اللام له مصداقان آخران ، القرآن ونبي القرآن فإنهما أفضل ذكر
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣١٩ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال مر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أبي سفيان وأبي جهل وهما يتحدثان فلما رآه ابو جهل ضحك وقال لأبي سفيان هذا نبي بني عبد مناف فغضب ابو سفيان فقال : ما تنكرون ان يكون لبني عبد مناف نبي فسمعها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرجع الى أبي جهل فوقع به وخوّفه وقال : ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك وقال لأبي سفيان اما انك لم تقل ما قلت إلا حمية فنزلت هذه الآية.