الحشر لأنهم ممن شاء الله فبأحرى الا يحزنهم الأفزاع التي بعده في مسارح الحساب والجزاء.
وطي السماء هو نقض بنيتها وإعفاء جملتها عن صورتها ، حيث تطوى حتى تجتمع بعد انتشارها ، وتتقارب بعد تباعد أقطارها ، فتصبح كالسجل المطوي وهو ما يكتب فيه ، والكتب هنا جمع الكتابة.
إذا نطوي أوراق السماء المتفرقة المتباعدة بما كتب عليها من كواكب ، نطويها للكتب جديدا ، لا طيا فيه القضاء التام الحاسم على السماء بكتبها ، فللأخرى سماء كما للأولى ، ولسماء الاخرى كتب كما للأولى بل هي احسن وأحرى (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣٩ : ٦٧).
وقد يحتمل ان الكتب هنا كما في غيرها هي المكتوبات ، فالسجل هو الصحيفة المكتوبة هي فيها ، إذا طويت انطوت بطيّها كتبها عن الشهود ، وهي في الغيب لا تخلو عن وجود ، فكما السجل المطوي لا ينعدم ، وكتبها لا تنمحي عن الوجود ، كذلك سجل السماء بكتبها الأنجم ، وكتبها الأعمال المسجلة عليها ، المستنسخة فيها ، انها لا تنمحي ، فمهما تنمحي صورة الكون ، ولكن صور الأعمال باقية في سجلات الكون ، حيث سجلت فيها للشهادة يوم يقوم الأشهاد (١).
وعلّ «السماء» هنا هي صيغة اخرى عن الكون كله ، فانها مطلق
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ٧٥ ابن بابويه بسند عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ان في الهواء ملكا يقال له إسماعيل على ثلاثة آلاف ملك كل واحد منهم على مائة الف يحصون اعمال العباد فإذا كان رأس السنة بعث الله إليهم ملكا يقال له السجل فانتسخ ذلك منهم وهو قول الله تبارك وتعالى : يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب.