شاملة لكافة الأصول الحيوية البنائة للحضارة الحقيقية المرضية ، واضعة اصول المنهج الدائم للحياة الانسانية المتجددة ، كافلة للعقل الانساني حرية العمل بكفالة حقها في التفكير الطليق.
ومن قيم هذه المنهجية الحيوية انها متوازنة متناسقة ، لا تعذّب الجسد لتسمو بالروح ، ولا يهمل الروح ليستمتع الجسد ، ولا تقيد الفرد ـ فقط ـ لتحقيق مصلحة الجماعة او الدولة ، ولا تطلقه في نزواته وشهواته الطاغية لتوذي الجماعة ، ولا تقيد ـ كذلك ـ الجماعة لخدمة الفرد ، بل يستخدم كل فرد فرد لصالح نفسه ولصالح الجماعة على سواء.
وهذه هي المصلحية اللابقة اللائقة لتأسيس الدولة العالمية ، من عباد صالحين ، و (إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ).
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) ١٠٧.
وتلك الرحمة العالمية الرسالية لا تطبّق إلّا على ضوء دولة عالمية ، ولكي ينتفع منها العالمون اجمع ويستظلوا في ظلها ، حين تذوب الفوارق الجغرافية والجنسية والعنصرية والطائفية امّا هيه تحت رعاية هذه الدولة الاخيرة الاسلامية العالمية ، وذلك من المعني لقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٤٨ : ٢٨) ، حيث الظهور الغلبة على الدين كله ، وهو الطاعة كلها ، ان ذلك يتخطى الأمل الى العمل وليس الا في دولة القائم (عليه السلام).
صحيح ان كل رسالة مستقلة هي عالمية الاتجاه والرحمة مبدئيا ، ولكنها ـ وحتى الرسالة المحمدية (صلّى الله عليه وآله وسلم) ما حلّقت زمن رسولها وأئمتها ـ إلا الغائب ـ على العالمين ككلّ ، وليس (رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) غاية خيالية غير واقعية ، بل ان لها واقعها في مستقبل الزمن.