لا بد في ذلك الزمن ان يتأثر العالمون أجمعون بتلك الرحمة طوعا او كرها ، ليستروحوا فيها نسائم السماء الرخية في هجير الأرض المحرق المطبق ، كلما ازدادوا تخلفا عن الشرعة الإلهية ، يلمسون حاجة اكثر بهذه الرحمة.
ومن آيات تحليق هذه الرحمة الرسالية على واقع العالمين مستقبلا ، ان (رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) تختص بهذا الرسول دون سواه كما النذارة المحمدية عالمية بواقعها ، لا فقط في مغزاها (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) (٢٥ : ١) (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) (٣٨ : ٨٧) و «العالمين» مكررة في القرآن (٧٣) مرة ، وهم جموع المكلفين ولا اقل من ثلاثة مهما لم نعرف حتى الآن الثالثة ، وتلك النذارة الذكر الرحمة تصلهم ـ يوما مّا ـ أجمعين ، ولم تصل لحد الآن كافة الناس وحتى نذارته ، فضلا عن واقع رحمته ، التالية لتأثير نذارته!.
وقد يروى عن رسول الرحمة ومضات من تلك الرحمة العالمية وكما يقول «انما انا رحمة مهداة» (١) ولأنه كله رحمة ما كان يلعن أحدا من الطاغين قائلا «ان الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين» (٢) وإذا «قيل يا رسول الله الا تلعن قريشا بما أتوا إليك؟ قال لم ابعث لعانا إنما بعثت رحمة
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٤٣ ـ اخرج البيهقي في الدلائل عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ... وفي المجمع روى ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لجبرئيل لما نزلت هذه الآية هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟ قال : نعم اني كنت أخشى عاقبة الأمر فآمنت بك لما اثنى الله علي بقوله : ذي قوة عند ذي العرش مكين «وقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : انما انا رحمة مهداة.
(٢) المصدر اخرج ابو نعيم في الدلائل عن أبي امامة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ...