فأين هذه الذرة الصغيرة الهزيلة التي تتلاعب بها الرياح ، وواجهة الجلال الذي لا تدركه الأبصار ، وتحار دون معرفته الأفكار ، وتتضاءل في ظله الظليل كل حقير وجليل ، اين هي كما هيه وتلقي ذلك النداء العال من الرب المتعال ، لولا اختياره؟!.
وانها لحظة ترتفع فيها البشرية ، فبحسبها ان يليق في جزء من أجزائها ان تتصل هكذا بالملإ الأعلى ، وأفضل منه وأعلى ، أن يخاطبها الله بتلك النداء!.
(يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) فأنت الآن يا موسى بقرب من الحضرة العلوية ، فتجرد عن نعليك ، ولا تطإ الوادي بهما وهو مجلى الطلعة المقدسة الربانية!.
أترى (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) ل (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ)؟ وقد كان يعلم موسى أنه هو ربه ولم يكن خالع نعليه ، وليس الذي حدث الآن معرفة له جديدة انه هو ربه حتى يخلع نعليه ل (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ)!
ثم وليس على كل موحّد لله ان يخلع نعليه على أية حال ، وانما (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) ل (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً).
والواد المقدس الذي طواه ، هو واد الوحي الرسالي ، وهو اقدس واد في الكون ، فليكن طاويه أقدس من في الكون ، وخلع النعلين هو من كمال القداسة المناسبة لواد الوحي.
عرفنا الواد المقدس وهو مهبط الوحي فما هي «طوى» التي طوى ذكرها آيتا طوى ثانيتهما النازعات (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً).
قد تكون «طوى» اسما للواد المقدس ، ام اسم وصف له لأن الوصول اليه بحاجة الى طي مسافات بعيدة من مسالك المعرفة والعبودية أمّا هيه ،