يطوي وارده طيا وينطوي فيه انطواء ، فكما ان ادب الحضور في الصلاة ـ وهي معراج المؤمن ـ يقتضي إصلاح الأدب الظاهر على ضوء الباطن ، لبسا لطاهر الثياب ومحلّلها ونظيفها ، كذلك خلع النعلين مهما كانا نظيفين فإنهما للمشي في الطرقات دون الغرف المفروشة فضلا عن الواد المقدس طوى ، الذي هو اقدس من الصلاة وأطوى ، حيث العلوم الربانية فيها مطوية ، فالحفاء هناك اقرب الى التواضع والحفاوة ، ولأنه يلاصق قدمه الوادي فيتبرك به ، كما هو يتبرك ببركة الوحي الرباني ، فكيف يقدم الواد المقدس طوى وهو مطوي تعلقا بغير الله ، ام في رجليه بنعليه ، امّا هي من تعلقات تنافي الحضور المطلق.
وفي هذه الآية لمحة اكيدة ان لبس النعلين حالة الصلاة غير مشكور ، بل هو محظور ، (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) ولأنهما لم تقرنا بوصف الميتة ام سواها من محظورات ، نتلمح ان اصل النعلين غير صالح بالواد المقدس ، وأي واد اقدس لنا من وادي الصلاة وهي معراج المؤمن ، وحالة التطامن والذل لا يناسبها الوقوف بمظهر الماشي في الطرقات ، وقاية عن القذارات ، اللهّم لمن اضطر غير متجانف لاثم فلا اثم عليه ، كحالة الحرب والفرار عن المحظور ، والرواية القائلة ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى في نعله قاحلة مفترية عليه جاهلة (١).
ومن ثم الأهل زوجة وأولادا ، حيث يتمشى بهما الآهل في حياته ،
__________________
(١) في تفسير الفخر الرازي ٢٢ : ١٨ وقد صلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في نعليه ثم خلعهما في الصلاة فخلع الناس نعالهم فلما سلم قال : ما لكم خلعتم نعالكم؟ قالوا : خلعت فخلعنا قال : فان جبريل اخبرني ان فيها قذرا» أقول واقذر منه نسبة هذه الفعلة الهاتكة الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) تاركا امر ربه (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً).