و (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ) والنعل من اللباس (١) والسالك الى الله ، والى وادي المقدس طوى ، عليه ان ينسى اهليه وعبأهم في هذه السبيل ، قدر ما هم يصدون عن السبيل ، ام عن تكملتها ، أم يخرج حبهم عن قلبه ، مهما يهتم بأمرهم قدر الواجب في شرعة الله ، فخالص الحب في الله ، ولا سيما بالنسبة لمن يحمل رسالة الله ، لا يلائمه حب غير الله ، ف (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) وليكن قلب الرسول مليئا كافة من حب الله والحب في الله.
وكذلك الأمر «خوفيك» خوفه من ضياع اهله وقد خلفهما بمخض ، وخوفه من فرعون» (٢) ف (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) (٣٣ : ٣٩).
فحين يريد الله ان يبلغ موساه الى مدرجة الوحي ، بالواد المقدس طوى ، وهو مطوي قبله بالكثرات ، يبتليه بالعسرات ، حيث يسلط عليه البرد وهو مع اهله في الصحراء ، وظلمة الليل ، وتفرق الماشية ، ومخاض المرأة ، وعدم انقداح الزندة ، وضلال الطريق حتى اندهش بغاية الدهشة ، واستوحش بالغ الوحشة ، ثم يريه نوره بمظهر النار المؤنسة ، ويبلغه الى الواد المقدس طوى ، طالبا منه (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً).
ومن ثم رابعة : الخلع ، ان يخلع نعلي الدنيا والآخرة ، ألا يهوى فيهما ولا منهما إلا رضوان الله ، دون هوات النعيم في الأولى ، ولا لذاته في
__________________
(١) ورؤيا النعل والحذاء في المنام تعبر بالزوجة ، ومن يقظته ان ابراهيم لما ذهب إلى مكة ليزور إسماعيل فلم يجده في بيته ولم تستقبله زوجته ، قال لزوجته إذا جاء إسماعيل فقولي له بدل حذائك ، فلما سمعها إسماعيل طلقها تعبيرا للحذاء بالأهل.
(٢) تفسير البرهان ٣ : ٣٣ ـ ابن بابويه بإسناد متصل الى الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) انه قال في قوله عز وجل لموسى : اخلع نعليك يعني ارفع خوفيك .....