الأخرى ، فان نعيم القرب والرضوان أنعم من نعيم الآخرة والأولى.
وخامسة هي انخلاعه عن نعلي الحجب : حجاب الإنية الذاتية ، والحجب الخارجية ، حتى يستعد للوحي في مقام قاب قوسين دنوا الى الله حيث ليس بينه وبين الله أحد ، وكما
يسئل الامام الصادق (ع) ما تلك الغشية التي تعتري رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)؟ قال : ذلك هو الوحي ، ذلك إذا لم يكن بينه وبين الله أحد».
وسادسة هي انخلاعه عن نعلي الروح والجسم ، حيث الحيوية المتعودة تتبناهما ، فليتركهما وحالهما ، متجردا بقلبه الى الله ، سفرا سافرا الى الله ، لا يحسب نفسه شيئا بجنب الله ، متغافلا عما لديه عند الله ، متحللا عما سوى الله ، متعلقا ككلّ بالله.
هذه اماهيه من نعال فيها انشغال عن الله ، عليه ان يخلعهما (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)! فالنعل ما يمشى بها الى بغية ، مادية ام معنوية ، فإذا موسى واصل الى بغيته القصوى ، الى الواد المقدس طوى ، فليخلع نعليه ، واقفا حافيا بقدميه ، حيث يمشي منذ الآن ويمشّي براحلة الوحي من الله ، فلا حراك له بعد ولا سكون الا بالوحي ، دون سائر التعلقات والوسائل الماشية سوى الوحي ، فانه منذ الآن مختار الله.
(وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى) ١٣.
وترى موسى المختار لربه هو أدنى من الواد المقدس حتى يؤمر بخلع نعليه؟ اجل! انه كموسى قبل ان يوحى اليه ادنى من الوحي وواديه ، وليست قدسية الوادي الا بقدسية الوحي ، فان شرف المكان بالمكين ، فلا قداسة ولا نحوسة لمكان او زمان ، الا بما حل في مكان او زمان ، وقد حلت بارقة الوحي البازغة لموسى في ذلك الواد ، فقدس بها كما قدس موسى ، وأمر أن يخلع نعليه (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً).
وذلك حكم عام لكل واد مقدس ، كالمساجد وحضور الرسول (صلّى