فلقد قذف في قلب ام موسى لأول ما يوحي (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ) ...
أم حنون تلد ولدا كموسى ، فبدل ان تحتضنه تقذفه في التابوت ، وهي ما يلقى في الماء!
صحيح انها تاكدته وحيا من الله ، ولكنها كيف تجرء على الإقدام بما تؤمر ، والعاطفة المرهفة والهيمان البالغ تمنعانها عن ذلك ، مهما الوحي يأمرها بذلك؟!.
هنا قذف في التابوت ، ثم قذف في اليم ، قد يلمحان بسرعة في العمل دون أية رعاية ، تعجيلا دون اي تأجيل ، مما يوحش ولا سيما الأم الحنونة ، لولد تعرفه من هو؟!.
ولكنما النص التالي يطمئنها ان ليس في إلقاءه إلغاءه : (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ) أمرا تكوينيا لليم ان تلقيه من خضمها الى الساحل ، ثم امر آخر كما الاول لاقسى قلب واعصى عبد : (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ) وهو فرعون الطاغية ، عدو لله إذ ينكر ربوبيته بل يدعي هو الربوبية بديله ، وعدو لموسى إذ يعلم ان بيده قضاء فرعنته وملكه ، ولذلك أخذ يقتل الذكر ان من بني إسرائيل (١) ولكنه مأمور تكوينيا باختيار ان يأخذ عدوه موسى ويحتضنه
__________________
(١) بحار الأنوار ١٣ : ٢٥ عن تفسير القمي حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : لما حملت به امه لم يظهر حملها الا عند وضعها له وكان فرعون قد وكل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط تحفظهن وذلك لما كان بلغه عن بني إسرائيل انهم يقولون انه يولد فينا رجل يقال له موسى بن عمران يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده فقال فرعون عند ذلك لأقتلن ذكور أولادهن حتى لا يكون ما يريدون وفرق بين الرجال والنساء وحبس الرجال في المحابس فلما وضعت ام موسى بموسى نظرت اليه وحزنت عليه واغتمت ـ