أترى هذه المادة الهامة الخطيرة من وحي الإلهام كانت رؤيا في المنام ، كان تأويلها قذفه في التابوت ثم في اليم؟ وليست هنا لك قاطعية في تأويلات الروئيّ إلا ان يكون المؤوّل من الأنبياء ، والنص هنا لا يشير الى رؤيا ولا تأويله ولا نبي في البين!.
انها ـ بطبيعة الحال ـ وفي هذه الهامة الخطيرة ، إلهام الى قلبها في حدّ من الظهور والبهور لا يقبل اي تردد ، وكأنها تحس الواقع المستقبل من نجاة موسى ، لحدّ ألقته في التابوت إلى اليم.
كيف لا و (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (٤١ : ٣١).
أو ليست ام موسى من هؤلاء ـ وهي تحمل امانة الرسالة الإلهية ـ حتى تستحق نزول الملائكة عليها بذلك الوحي ، حفاظا على رسالة الوحي؟! وكما تمثل لأم عيسى روح الأمين (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) لكي يلقي إليها غلاما سويا.
فهنا أم موسى يوحى إليها ما فيه الحفاظ على وليدها ، وهناك ام عيسى يوحى إليها ليلقي إليها بشرا سويا ، وهما من أفضل الوحي فيما سوى النبوءة والرسالة ، ومن أدناه الوحي الى النحل ثم للأرض.
فما كل ما يسمى وحيا ، يحمل رسالة إلهية ، وهو في الأصل اشارة في رمز تكوينا او تشريعا ، خيرا او شرا ، كما (إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ) (٦ : ١٢١)!.
وكما ان وحي الشيطان دركات ، كذلك وحي الرحمن درجات ، أدناها للأرض ، وأعلاها الى المرسلين وبينهما متوسطات.