وقد تعني «ولتصنع» فيما عنته ، امّه ، فان صناعتها هي من صناعته في طيب الحمل والولادة ، وحسن الصنيعة بائتمارها امر ربها في قذفها في اليم ، وما أجمله جمعا بين الصناعتين فإنهما صناعته ، ولأنه صيغة التذكير ، ليست لتختص بها فانها «لتصنعي» خطابا ، اللهم إلا في غياب الصيغة وهو بعيد عن السياق ، والجمع اجمع وأجمل.
أنت تصنع على عيني تحت عين فرعون عدوا لي وعدوا لك ، كما تحت عيني أمك ، فكما أنت على عين أمك بكل حنانها ، كذلك تحت عين فرعون وفي متناوله بلا أي حارس وعلى أشراف كل كارث ، ولكن عينه لا تمتد إليك إلا على عيني ، لأني (أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي)!.
وترى (مَحَبَّةً مِنِّي) ميّزه لموسى وحتى على خاتم الأنبياء (صلّى الله عليه وآله وسلم) إذ لم يشمله النص ، ولم يختص بنص آخر؟ ان الرسول محمد يفوق موسى ومن فوقه بفائقات عدة ، منها ان «لا تتم الشهادة إلا ان يقال : اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله ، ينادي به على المنابر فلا يرفع صوت بذكر الله عز وجل الا رفع بذكر محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) معه (١) وذلك قوله عز وجل (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ)! وانه رسول الى النبيين كما الى جميع العالمين : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٣٧٩ في كتاب الاحتجاج روى موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السلام) فلقد القى الله على موسى (عليه السلام) محبة منه؟ قال علي (عليه السلام) لقد كان كذلك ولقد اعطى الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) ما هو أفضل منه لقد القى الله عز وجل عليه محبة منه فمن هذا الذي يشركه في هذا الاسم إذ تم من الله عز وجل به الشهادة فلا تتم الشهادة ...