فيا للقدرة العجيبة التي تجعل من المحبة اللينة الهينة درعا تتكسر عليها الضربات ، وتتحطم عليه الأمواج ، وتعجز كل قوّات الشر والطغيان عن ان تمس حاملها بسوء وان كان طفلا رضيعا ، كيف وقد بلغ أشده ، ثم حين عرفه عدوه يتربص به كل دوائر السوء فلا يقدر عليه او يغدر به حتى إذا أدركه الغرق ونجى موسى ومن معه!.
فالقوى الطاغية المتربصة بالطفل لا تقوى عليه على طغواها ، حيث (مَحَبَّةً مِنِّي) تحرسه عنها ، دون نزال له ولا صيال ، وهي بكل صيال ونزال!.
ولماذا (أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي)؟ لأمور عدة تستحقها رحمة مني ولتصنع على عيني» وهكذا يصنع الله على عينه من يشاء ان يلقي عليه محبة منه.
ام «ولتضع على عيني» ـ (أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) حيث الرسل صنائع الله يصنعهم على عينه كما يشاء ويصلح لحمل اعباء الرسالة الإلهية.
ف «عيني» هنا ، وهي ككل الرقابة ، تعني عين العلم والقدرة والتربية الربانية ، فمثلت العين التربوية الإلهية تصنعه كما يريد ، وليس يعني ان في الكون شيئا يغيب عن رؤية الله ، ولكنه يفيد الاختصاص بشدة الرعاية وفرط الحفظ والكلاءة ان تتربى بحيث أراك وارعاك ، فلان الحافظ لشيء في الأغلب يديم رعايته بعينه ، جاء هنا باسم العين بدلا من الحفظ ، تلطيفا في الكلام ، ومشابهة لما بين الأنام ، فانه تعالى يكلمنا بألسنتنا.
وهذه الصناعة تحلّق على كل كيانه وكونه ، منذ أصلاب الآباء وأرحام الأمهات ، الى الولادة ، الى التربية ، والى النبوءة والرسالة والنبوّة ، والى ان قضى نحبه.