حاملا له كسفينة مأمورة في امر اليم والساحل.
وكيف (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ)؟ حيث (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) فان فرعون كان يعادي كل إسرائيلي عله موسى ، فكان يعاديه كأحد منهم بهذه الحائطة ، واصل عداءه لان بيده انهياره ، فلم ينج بهذه الطريقة الخارقة للعادة ان يأمر بأخذه من الساحل الا بما القي عليه محبة منه ولحدّ تقول اهله : (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٢٨ : ٩)! أحبته فأحبه فرعون خلافا لما يحكمه الجو الفرعوني!.
ف «ألقيت» إلقاء خاص بالغاء كل بواعث العداء وكوارثه ، و «عليك» تجعل المحبة الملقاة سترا له يشمله كله ، فظاهره يجلب وباطنه يجذب ، اللهم إلا فيمن يعرفه من هو وهو يعاديه لأنه هو ، كفرعون الطاغية ، ولكنه عرفه بعد وعانده ما عاند.
وترى «مني» متعلقة ب «ألقيت» : إلقاء مني؟ ام بمحذوف ك «حاصلة»؟ او المعنيان معنيّان ، فكما المحبة ملقاة من الله كعناية خاصة ، كذلك هي حاصلة من قبل الله لمن يحب الله فيحبه الله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (١٩ : ٩٦).
فموسى وان لم يكن منذ ولادته كما وصف الله حتى يجعل له ودا ـ وهو كما وصف وفوقه ـ ولكنه يوده لأنه سيجعله رسوله ، فهو يصنعه على عينه ، وذلك فوق الايمان شريطة لاستحقاق الود من الرحمن.
ثم «محبة» منكرة تلمح الى ضخامتها وفخامتها القليلة النظير ، و «مني» تجعلها خاصة من لدنه ، فقد استقرت عليه محبّة ربانية ، فلا يراه احد إلا أحبه دون ان يعرفه ، الا ان يعرفه عدوّ له.