يعيشون في عالم من الخيالات والشهوات ، فيؤثرونها على واقع الحياة والواقعيات ، فيلقون القول مسترسلين دونما ضابطة أو رابطة إلّا ما تهواهم أنفسهم «يعظون الناس ولا يتعظون ، وينهون عن المنكر ولا ينتهون ، ويأمرون بالمعروف ولا يعملون» (٥٢).
طبيعة الإسلام وهي الواقعية المطلقة والحقيقية المرسلة لا تلائمها طبيعة الشعراء الخياليين الهائمين في كل واد ، حيث الإسلام يحرّض على تصديق الحقائق وتحقيقها ، دون تهرّب منها إلى وهميات ، وليست معارضة الإسلام للشعر والشعراء إلّا في هذين البعدين البعيدين عن الواقعية المطلوبة : (أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) وهما من خلفيات عدم الايمان وعدم الثبات على خط الحق والواقع المصاب.
واما الشعر المستقر على الحق ، المتبنّي إبطال الباطل وتحقيق الحق النابع عن الإيمان ، البعيد عن التخيلات والوهميات وعن كل تفريط وإفراط ، فلا يعارضه الإسلام بل ويحرّض عليه.
فكما يقول الرسول عن الشعر : «لإن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من ان يمتلئ شعرا» (١) ، كذلك هو يقول جوابا عن : ماذا تقول في الشعراء؟ : ان المؤمن مجاهد بسيفه ولسانه والذي نفسي بيده لكأنما
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٩٩ ـ اخرج ابن أبي شيبة واحمد عن أبي سعيد قال بينما نحن نسير مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ عرض شاعر ينشد فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : ...