هنا (وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً) يعني في شعر وسواه ليذهب بفضاضته ، كما (وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) تجعل الشعر ذريعة للانتصار لمن ظلم ، ولا تخص «ظلموا» ظلما شخصيا بالشاعر ، أم وبمن يحبه واكثر من نفسه كالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن يحذو محذاه ، أو وبأحرى أحب من كل محبوب وهو الله ، هتكا لساحة الألوهية أو الرسالة أو الإمامة أو الايمان أم أيا كان من ظلم حيث يرجع إلى الشاعر فهنالك (انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) دون إفراط أو تفريط وإنما جزاء وفاقا.
وقد «قيل يا رسول الله ان أبا سفيان بن الحرث بن عبد المطلب يهجوك فقام ابن رواحة فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ائذن لي فيه ، قال : أنت الذي تقول : ثبت الله؟ قال : نعم يا رسول الله ، قلت : ثبت الله ما أعطاك من حسن* تثبيت موسى ونصرا مثل ما نصرا (١)
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٠٠ ـ اخرج ابن سعد عن البراء بن عازب قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ... قال : وأنت يفعل الله بك مثل ذلك ثم وثب كعب فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ائذن لي فيه فقال : أنت الذي تقول : همت؟ قال : نعم يا رسول الله قلت :
همت سخينة ان تغالب ربها |
|
فليغلبني مغالب الغلاب |
* قال : أما ان الله لم ينس ذلك لك ثم قام حسان الحسام فقال يا رسول الله ائذن لي فيه واخرج لسانه اسود فقال يا رسول الله ائذن لي فيه فقال : اذهب الى أبي بكر فليحدثك حديث القوم وايامهم وأحسابهم واهجم ومعك جبريل.
وفيه اخرج ابن سعد عن ابن سيرين قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة وهم في سفر ابن حسان بن ثابت فقال لبيك يا رسول الله وسعديك قال أحد فجعل ينشده ويصغي إليه حتى فرغ من نشيده فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لهذا أشد عليهم من وقع النبل.