فهنا خوف صالح وخوف طالح وعوان بين ذلك ، وموسى ينهى عن العوان ، وكلنا منهيون عن طالحه الى صالحة.
والآن بعد ذلك الحنان من الرب المنان ، وقد اطمأن موسى الى أمن الحضور ورحمته يؤمر مرة ثانية بآية أخرى :
(وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) ١٢.
لماذا «في جيبك» دون كمّك الداخلة يدك فيه دونما حاجة إلى إدخال؟ علّه لم يكن له كم فليدخلها في جيبه ، ام ليتأكد انها أصبحت (بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) وإلّا فعلّها كانت في كمه ، ومنذ فترة قصيرة بيضاء من سوء برص ، فلا يجديه نفعا : «وأخرج يدك من كمك»!.
ثم (فِي تِسْعِ آياتٍ) هل تعني كل الآيات الموسوية وهي اكثر منها؟ كلّا ، وإنما هي التي (إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ)(١) دون الباقية الخاصة ببني إسرائيل كما فصلناها في الأسرى على ضوء : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ ...)(١٠١). ولم يأت هنا بعديد الآيات التسع إلّا ثنتين والسبع الأخرى مسرودة في الأعراف؟ حيث التركيز على قوة الآيات وهما نموذجتان من اقواهما لنعرف المكذبين بها ما أغواهم.
وقد تعني (فِي تِسْعِ آياتٍ) اليد والعصا ، حيث التسع كلها ظهرت
__________________
(١) والتسعة هي : ١ ـ اليد البيضاء ، ٢ ـ ثعبان العصا ، ٣ ـ الطوفان ، ٤ ـ الجراد ، ٥ ـ القمل ، ٦ ـ الضفادع ، ٧ ـ الدم ، ٨ ـ ضرب الأموال بنقص وطمس وأخذهم بالسنين ، ٩ ـ فلق البحر.
والآيات الخاصة ببني إسرائيل هي : ١ ـ نتق الجبل ، ٢ ـ تفجير اثنتي عشرة عينا ، ٣ ـ المن والسلوى.