فائدة عظيمة ، و «من» تبعّضه عناية إلى أهم الحلقات من ذلك النبإ كما هو اللائق بالذكر الحكيم ، وهنا المتلو عليه هو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لكي يتلوه على كل المرسل إليهم ، ولكنه بالمآل (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فمن آمن من قبل يزداد به ايمانا واطمئنانا ، ومن يتحرّى عن ايمان ولمّا يؤمن ـ إذ فيه مادة الايمان وقابليته ـ فهو يكسب ايمانا ، و «يؤمنون» يشملهما.
أجل وإن هذه التلاوة لذلك النبإ تلقي ظلال العناية والاهتمام التام (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ، دون الذين (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) وهذه تكرمة ربانية (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أن الله يتلوا الأنباء الرسالية على رسوله لأجلهم لأنهم هم المستفيدون ، وكما القرآن ككل (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) مهما كان القصد منه هداهم أجمعين كحجة على كافة المكلفين ، كذلك أنباءه الرسولية والرسالية هي (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) والآخرون هم الخاسرون ، و «بالحق» هنا قد تتعلق ب (نَتْلُوا .. نَبَإِ .. يُؤْمِنُونَ) نتلوا بالحق ـ نبإ موسى وفرعون بالحق ـ لقوم يؤمنون بالحق ، والباء هنا تعم السببية والمصاحبة ، تلاوة النبإ لقوم يؤمنون في مثلث الحق.
نبأ موسى يبدأ في الأغلب من حلقة الرسالة ، وهنا يبدأ من الولادة إلى الرسالة وإلى النهاية ، فانه عرض كامل كافل شامل كل الحلقات الحيوية لموسى ، والعمليات المضادة من فرعون ، لتصبح درسا حافلا (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
وليعلموا أن الشرّحين يتمخض ويتمحض يحمل هلاكه ودماره في نفس ذاته ، إذ تتدخل القدرة الرحيمة الربانية لتأخذ بأيدي المستضعفين فتجعلهم أئمة وتجعلهم الوارثين ، وهنا حلقات خمس من عرض النبإ بين قصيرة وطويلة كلها قاصدة راشدة ، حلقة المولد وما أحاط به من قاسية راسية فرعونية ،