كانت أعلى قمم الايمان ، وكما في رسول الهدى (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) في وجه وجيه من وجوهها.
وقد قال حينه (ظَلَمْتُ نَفْسِي) دون «غيري» إذ كان ظلم الانتقاص لعاجل الرسالة دون تقصد (فَاغْفِرْ لِي) سترا عن منعة الرسالة (فَغَفَرَ لَهُ) حيث وفقه للفرار وظل عشر سنين في مدين (ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) (٢٠ : ٤٠) والتفصيل إلى محله.
(فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) ـ : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ. فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ ..) (٢٨ : ٢١) «يترقب» الفرج ، وان يعجل في آجل الرسالة (فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً) بعد الحكم الأوّل ـ وطبعا ل ـ فوقه لحدّ (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ).
وأما تربيتي فيكم وليدا ولبثي عندكم من عمري سنين فلم تكن نعمة تمنها عليّ :
(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (٢٢).
فلو لا تعبيدك بني إسرائيل أسرا وحصرا وقتلا لولائدهم واستحياء لنسائهم لما اضطرت أمي أن تقذفني في التابوت (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ
__________________
ـ محمد (ص) : الم يجدك يتيما فآوى ـ يقول : الم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) يعني عند قومك «فهدى» اي فهداهم الى معرفتك.
أقول : يعني ضلالة بعد القتل عن طريقه المقصودة الى غير المقصود «ودخل المدينة خائفا يترقب» ووجه آخر ذكرناه في المتن ، فلعل هذا الوجه غير وارد عن الامام (ع) حيث يتبع من الوجوه الدلالية القرآنية احسن الوجوه!.