فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له. وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني» (٢٠ : ٣٩).
إذا فأنا صنيع الرب وربيّه عندك ، حفاظا ربانيا عن بأسك وأنتم لا تشعرون ، وما كان منكم إلّا قصد الانتفاع مني (لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٢٨ : ٩) وهذا تعبيد لي من وجه آخر غير ما كان لسائر بني إسرائيل.
فأية نعمة تمنها علي وهي في كل زواياها وحواياها تعبيد لبني إسرائيل؟ فالرسم الملكي بتقتيل الأبناء المستثنى فيّ ، كان رسما لتعبيدي انا في وجه آخر ، فحتى لو كانت نعمة منك عليّ ، فهي ليست لتطارد نعمة الرسالة الإلهية وهي أنعم النعم ، فليست قضية النعمة من بشر لبشر نكران أو نسيان النعمة الإلهية الكبرى الرسالية ، على ان كل نعمة تصل العبد فانما هي بتقدير من الله قدّره ، ولا سيما نعمة الحفاظ على نفسي عند أعدى أعاديّ (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ...)!
فهنالك انهدم صرح الحجاج اللجاج الفرعوني صدا عن بازغ الدعوة الموسوية ، فانتقل إلى لجاج آخر في صورة الحجاج :
(قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ)(٢٣).
في ذلك الاستجواب العارم نرى فرعون في اعمق الحمق وسوء الأدب ، ونرى موسى يجيبه كريما كأن لم يسمع إلى شطحاته القارصة الراقصة فندرس في هذا الحوار كيف يجب علينا ان نحاور خصومنا الظالمين فضلا عن سواهم من المسترشدين.
«ما» هنا تهوين لساحة الربوبية العالمية ، استنكارا لها زعم انه هو الرب الأعلى فلا أعلى منه ، حتى يرسل رسولا إلى الرب الأعلى!