أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ) وطبعا (لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) تلحيقا بما فيه هياج الجماهير ، وتحميسهم (لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ) وهي الغاية المقصودة من ذلك الاجتماع الحاشر (إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ) و «هم» هنا تؤكد جانب الإثبات في هذه الشرطية المشكّكة ، وهكذا تستحث الجماهير المستخفّة المطاوعة المجيبة لكل ناعق دون تفطّن للغاية الماكرة ، وان الطغاة يعبثون بها ويلهون ، ويشغلونها بهذه المباريات ليلهوها عما تعنيها وتعانيها من كبت دائب ، واحتناك لهم خائب ، دونما حنكة وتعقل ، سيّقة لكل سائق ، سامعة لكل ناعق.
(فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)(٤٢).
هذه قولتهم لأنهم ـ بالفعل ـ عملاء قضية ضغط الموقف ، يستزيدون أجرا على رواتبهم (إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) والجواب بطبيعة الحال (نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) من الحاشية الملكية المتفوقة على سائر الموظفين ، وهذه هي البغية الفرعونية الباغية الغادرة ، فلذلك لا يبخل عن سؤل السحرة ، بل ويزيدهم اجرا معنويا على مادية المسؤول ، وإلى مشهد المباراة المعاكسة للمرام ، المضادة للمرام! :
(قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣) فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ)(٤٤).
تقدّم الاقتراح من موسى (ع) تهدّد لهم هارع وتحدّ بارع ، و (أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) يستحث كامل قوّاتهم ، ويستحصل كل قدراتهم في هذه المباراة الحاسمة الجماهيرية ، مستصغرا جموعهم المحتشدة ومعهم القوات الهائلة الفرعونية وأمل الأجل والزلفى ، ومعه ربه سبحانه وتعالى واجره والزلفى وهكذا يجب على كل داعية حق ان يستقدم ما عند داعية الباطل ليقضي