شَيْءٌ) وان كان له مثل ، وكل شيء مثل له من أدنى وأعلى : (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٦ : ٦) (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٣٠ : ٢٧) فمثله مستحيل ذاتيا وجعليا ، ومثله كافة الكائنات جعليّا على درجاتها وكما يعنيه الحديث القدسي (عبدي أطعني حتى أجعلك مثلي ..) (١) وهذا من المثل الأعلى الذي يحصل بالعبودية ، فمن المثل لله ما هو حاصل بأصل الخلق ، فإنه الآية ، وفي كل شيء له آية تدل على أنه صانع ، ومنه ما يحصل في تكامل الخلق بما يسعى كالعبودية ، فإنها جوهرة كهنها الربوبية ، أن العبد يصل في مراتب العبودية والمعرفة إلى درجة يرى بفقره غنى الله ، وبجهله علم الله ، وبعجزه قدرة الله ، فالكنه المعرفي للعبودية عرفان الربوبية.
هذه الآية تنفي أية مماثلة بينه وبين خلقه استغراقا لهذا النفي دون إبقاء ، وقد يعني ما تعنيه «خارج عن الحدين حد التعطيل وحد التشبيه» : موجود لا كوجوداتنا ، قادر لا كقدراتنا ، عالم لا كعلومنا ، حي لا كحياتنا ، فالخلق بذاته وأفعاله وصفاته كله صفات سلبية عن ذاته وأفعاله وصفاته تعالى ، فلا توجد ذاته ولا صفاته الثبوتية في خلقه أيا كان ، ف «إذا كان الشيء من مشيته فكان لا يشبه مكونه» (٢) وعلى الخلق أن
__________________
ـ وعن علي بن أبي حمزة قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم ان الله جل وعز جسم صمدي نوري معرفته ضرورة يمن بها على من يشاء من خلقه ، فقال (عليه السلام) : سبحان من لا يعلم كيف هو الا هو ليس كمثله شيء وهو السميع البصير لا يحد ولا يحس ولا يجس ولا يمس ولا يدركه الحواس ولا يحيط به شيء لا جسم ولا صورة ولا تحفيظ ولا تحديد.
(١) فمن يقرأه «مثلي» فهو جاهل بمحكم القرآن ، ومن يتردد فيه وفي «مثلي» يتجاهل بمحكم القرآن وإليكم أحاديث حول عدم التشبيه ماضية وآتية
(٢) مصباح الشريعة خطبة مروية عن امير المؤمنين (عليه السلام).