آية نفي المثل تتوسط آية المقاليد وآيات الولاية في التكوين والتشريع ، فالمماثلة المنفية لا تختص بالذات وصفات الذات ، بل وصفات الفعل كلها من ولاية وحكم وخلق ورزق أم ماذا ، فالمماثلة منفية عن صفات الفعل كما عن الذات وصفات الذات.
والقلد هو الفتل فالمقلاد آلة الفتل وسببه ، فالمقاليد هي وسائل وآلات الفتل والتطويق ، من علم وقدرة وحكمة محيطة بالسماوات والأرض كأنها قلادة لعنق الكون لا تدعه يتلفت شماسا دون حراس واكتراس.
له هذه المقاليد لا لسواه. ف (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ. لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٢٩ : ٦٣) .. مقاليدها غيبا وشهادة كمفاتيحها : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ..) (٦ : ٥٩) ومن فروع هذه الحيطة الربانية (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
ليس بسط الرزق وقدره بمحاولة زائدة أو ناقصة منا فحسب ، ولا جزافا دونما حكمة من الله ، فرب محاول كثيرا لا يبسط في رزقه ، ورب محاول قليلا أو معاطل يرزق كثيرا ، وإن كان يرزق كل قدر سعيه ، ولكن الرزق المبسوط هو فوق قدره ، ومن قدر عليه رزقه يؤتاه قدر سعيه ، أو وأقل منه حين تقتضي الحكمة ، فلا تسوية في الرزق مهما كان السعي سواء أو لا سواء : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) (٤٢ : ٣٧) فالله يقبض لحكمة ويبسط لحكمة : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢ : ٢٤٥) (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ) (١٣ : ٣٦) (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ