فالآيات التي تحمل صفات إلهية تشابهها صفات خلقية تتجرد عما للخلق إلى ما يخص الخالق كالسميع ـ البصير ـ على العرش استوى أم ماذا؟
وامّا التي تحمل صفات إلهية خاصة فلا مثيل لها في التعبير من صفات الخلق ، كالسرمدي ـ الأزلي ـ عليم قدير بكل شيء أم ماذا؟
وكذلك التي تحمل صفات خلقية لا تشابه الإلهية ولو في التعبير كالماشي ـ الراكض ـ الآكل ـ الشارب أم ماذا؟
إن الصفات من النوع الثاني والثالث لا تشابه فيها من الخالق للخلق ولا من الخلق للخالق ، وإنما النوع الأول هي المتشابهة من الصفات التي لا بد من تجريدها عما لا يليق بساحة الربوبية : فيا «إلهي تاهت أوهام المتوهمين ، وقصر طرف الطارفين ، وتلاشت أوصاف الواصفين ، واضمحلت أقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنك أو الوقوع بالبلوغ إلى علوك ، فأنت الذي لا تتناهى ولم يقع عليك عيون بإشارة ولا عبارة ، هيهات ثم هيهات يا أولي يا وحداني يا فرداني ، شمخت في العلو بعز الكبر ، وارتفعت من وراء كل غورة ونهاية بجبروت الفخر» (١).
(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(١٢)
__________________
ـ وبحرها ولا يشتبه عليه لغاتها فقلنا عند ذلك : سميع لا بإذن ، وقلنا : انه بصير لا ببصر ، لأنه يرى اثر الذرة السمحاء (السوداء) في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء ويرى دبيب النمل في الليلة الدجنة (الظلمة) ويرى مضارها ومنافعها واثر سفادها وفراخها ونسلها فقلنا عند ذلك : انه بصير لا كبصر خلقه.
(١) البحار ٣ : ٢٩٨ ـ التوحيد للصدوق عن الإمام الحسن بن علي بن محمد (عليه السلام) انه قال : الهي ...