هو الطاعة وهي ائتمار الأمر : (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٤٥ : ١٨) كما وفيما يهدد ويندّد بالمشركين يربط أيّة شرعة من الدين بإذن الله : (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ ..) (٤٢ : ٢١). وفي آية الشرعة تشريف لهؤلاء الخمسة من الرسل الذين دارت عليهم الرحى وكما في آية الميثاق : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً. لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) (٣٣ : ٨) وهؤلاء هم أولوا العزم من الرسل : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) ٤٦ : ٣٥) (١).
وقد سبقت إلى هذه الوحدة الجذرية الإشارة في مطلع السورة : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) إذ كانت إيحاء إجماليا إلى وحدة المصدر والصادر ووحدة المنهج والناهج والاتجاه في الدين كل الدين ، وهنا يفصل ما أجمله من قبل.
(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى ..) توحي فيما توحي أن هذه الشرائع الخمس مثل بعض مصدرا ، وكذلك صادرا ، في الجذور وكثير من الفروع ، فالشرعة الإسلامية هي شرعة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى مهما اختلفت في ظواهر طقوس أم ماذا؟. حقيقة الأصل الواحد والنشأة
__________________
ـ جَمِيعاً» فالله واحد ودينه واحد والرسالة لهذا الدين الواحد واحدة وأنتم امة واحدة مهما اختلفت الشرائع الى هذا الدين الواحد.
(١) راجع ج ٢٦ من الفرقان ص ٧٣ تفسير آية اولي العزم.